المؤلف

الملخص

الحمد لله رب العالمین، والصلاة والسلام على خاتم الأنبیاء والمرسلین، وعلى آله وصحبه أجمعین، والتابعین لهم بإحسان إلى یوم الدین.أما بعد: فإن الاشتغال بالفقه من أعظم الأعمال، وخیر ما صرفت فیه نفائسُ الأوقاتِ، إذ به یعرفُ الحلالُ والحرام، وتقام الحدود والفرائضُ، ولقد کان وما زال الفقه الإسلامی –بمذاهبه المتعددة- مواکباً لحیاة المسلمین فی جمیع شؤونهم، اجتماعیةً واقتصادیةً وسیاسیةً ومعیشیةً، وقد کان الفقهاء والأئمة الأعلامُ مصابیح الدجا، وشمس الظلمات، نشروا دین الله تعالى، وشرحوا عقیدةَ الإسلام، وهؤلاء الأئمة کانوا -ولا یزالون- حملةَ الشرعِ الحنیفِ، عنهُ ذائدون، وبه ناطقون، وبتعالیمه عاملون، وإلى الله تعالى داعون.ولعلَّ من أیسر ما یمکننا أن نقدمه من خدمة لهذا الإرث العظیم الخالد، هو أن نشمر عن ساعد الجد لدراسة بعض مسائله، وحث الجهود المخلصة لبحث جانب من القضایا التی ترفع الإبهام والإشکال عن بعض مکنونات فقهنا الإسلامی العظیم، عسى أن یَفِیْدَ منها الدارسون، وینتفعَ بها طلابُ المعرفةِ.ولعل مباحث الفقه الجنائی من المباحث الدقیقة والمهمة فی آن واحد؛ إذ أن لها اتصالا مباشراً بالفرد، ولما تتضمنه من ارتباط وثیقٍ بحیاته الیومیة، وبغیة أن أکون ممن نال شرف الإسهام فی خدمة هذا الفقه الخالد، فقد آثرت أن أصرف همتی لبحث جانب من جوانب الفقه الجنائی الإسلامی، لیکون موضوعاً اتناوله فی هذه الدراسة المتواضعة، فاستوقفنی جانب من جوانب العقوبات التعزیریة، ألا وهو التعزیر بتقیید حریة الجانی، إذ أن من المعلوم أن التعزیر یکون على أنواع، فمنه عقوبات بدنیة، ومنه عقوبات مالیة، ومنه عقوبات مقیدة للحریة، ومنه عقوبات أخرى متنوعة، فأفردت تقیید حریة الجانی بالدراسة فی هذا البحث، بعد أن سبق لی دراسة أنواع العقوبات التعزیریة الأخرى، وغایتی أن أتناول عقوبتین أساسیتین من العقوبات التعزیریة تندرجان تحت مسمى عقوبة مقیدة للحریة، هما عقوبة الحبس وعقوبة التغریب أو النفی، وهما العقوبتان اللتان تناولهما الفقهاء فی کتبهم کعقوبة تعزیریة، فاخترت أن یکون عنوان هذه الدراسة:تقیید الحریة کعقوبة تعزیریة فی الفقه الجنائی الإسلامیثم ارتأیت أن تکون خطة البحث مقسمة على مقدمة وثلاثة مباحث وخاتمة.فأما المقدمة فهذه، وقد تناولت فیها أهمیة دراسة الفقه وسبب اختیاری لهذا الموضوع.وأما المبحث الأول فقد جعلته فی تناول مفهوم التعزیر والحبس والتاصیل الشرعی لعقوبة تقیید الحریة.وأما المبحث الثانی فقد جعلته فی تناول أحکام الحبس کعقوبة مقیدة للحریة.وأما المبحث الثالث فقد جعلته فی تناول التغریب والإبعاد کعقوبة مقیدة للحریة.ثم تناولت فی الخاتمة أهم ماتوصلت إلیه فی البحث من نتائج.هذا وإنی آمُلُ أن أجدَ فی صدرِ من یُطالِعُ هذا العملَ ما یشفعُ لی إن وجدَ فیه خللاً، وما عسانی إلاَّ أن أرددَ قائلاً:وإنْ تجدْ عیباً فسُدَّ الخلــلافجلَّ من لا عیبَ فیهِ وعــلااللهمَّ هذا جهدُ المقلِّ، وما کان فیه من قصور أو خلَل فإنما هو من نفسی والشیطان، وما کان فیه من تمامٍ وحُسْنٍ فإنما هو بفضلِ الله تعالى وحُسنِ توفیقِهِ، وهو وحدَهُ المسؤولُ أن ینفَعَ به، ویکتُبَ له القبولَ، ویعمِّمَ به الفوائدَ.وصلى اللهُ وسلَّمَ على سیدنا ونبینا وحبیبنا محمدٍ الصادقِ الأمین، وعلى آلِهِ الطیبین، وصحابَتِهِ الغرِّ المیامین، والتابعین لهم بإحسانٍ إلى یومِ الدینِ، والحمدُ للهِ ربِّ العالمینَ.

الكلمات الرئيسة