المؤلف

الملخص

لا شک أن محبة النبی صلى الله علیه وسلم من الدین بل هی من الإیمان، ولکن کیفیة التعبد لله  بهذا الحب لا بد من أن تکون وفق طریقة الشرع، فالإنکار لا ینصب على التعبیر عن حب النبی صلى الله علیه وسلم وإنما ینصب على طریقة التعبیر عن حبه. وبعض الغلاة أفرطوا فی تعظیمه بما نهاهم عنه أشد النهی، وفرطوا فی متابعته، فلم یعبئوا بأقواله وأفعاله، ولا رضوا بحکمه ولا سلموا له. وإنما یحصل تعظیم الرسول -صلى الله علیه وسلم- بتعظیم أمره ونهیه، والاهتداء بهدیه، واتباع سنته، والدعوة إلى دینه الذی دعا إلیه ونصرته، وموالاة من عمل به، ومعاداة من خالفه. فعکس أولئک المشرکون ما أراد الله ورسوله علماً وعملاً، وارتکبوا ما نهى عنه ورسوله. بل الله سبحانه افترض على الناس محبة النبی صلى الله علیه وسلم وتوقیره، وأن یکون أحب إلیهم من أنفسهم وأولادهم والناس أجمعین، لکن لم یأمرنا بالغلو فیه وإطرائه، بل هو صلى الله علیه وسلم نهى عن ذلک وقوله: (عبده ورسوله) أتى بهاتین الصفتین وجمعهما دفعا للإفراط والتفریط؛ فإن کثیراً ممن یدعی أنه من أمته أفرط بالغلو قولاً وعملاً، وفرط بترک متابعته، واعتمد على الآراء المخالفة لما جاء به، وتعسف فی تأویل أخباره وأحکامه بصرفها عن مدلولها والصدوف عن الانقیاد لها مع اطّراحها، فإن شهادة (أن محمداً رسول الله) تقتضى الإیمان به، وتصدیقه فیما أخبر، وطاعته فیما أمر، والانتهاء عما عنه نهى وزجر، وأن یعظم أمره ونهیه ولا یقدم علیه قول أحد کائناً من کان فمحبته تکون لهذه الأمور: أولاً: لأن الله أوجب ذلک، فأنت یجب علیک أن تمتثل ما أوجبه الله علیک لأنک عبد لله، والعبد یمتثل أمر سیده، بل یقول: سمعاً وطاعة.ثانیاً: أن المحب یحب حبیب حبیبه ولابد، ویبغض من یبغض حبیبه، وإلا لم تکن محبته صحیحة، فلابد للمحب أن یکون محباً لمن یحبه، ویبغض من یبغضه حبیبه، وإلا لا تکون محبة صادقة، بل تکون کاذبة بالادعاء، والادعاء ما یفید.إذاً: محبة الرسول صلى الله علیه وسلم فرض عین على کل مسلم ومسلمة، أن یکون الرسول r أحب إلیه من جمیع من فی الدنیا، بما فیها نفسه،محبة قلبیة یکون فیها الإیثار والتقدیم،  قُلْ إِنْ کُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِی یُحْبِبْکُمُ اللَّهُ  [آل عمران:31]، فمحبَّته صلى الله علیه وسلم تقتضی طاعته، واجتناب مخالفته، وأن لا یعبد الله  إلاَّ بطریقته وسنَّته. وکلُّ الأبواب الموصلة إلى الله  قد أغلقت إلاَّ بابه.قال صلى الله علیه وسلم:" کلکم یدخل الجنة إلاَّ من أبى " قالوا: ومن یأبى یا رسول الله ؟ قال " من أطاعنی دخل الجنَّة ومن عصانی فقد أبى "وثمة قوم أفرطوا فی تعظیمه بها نهاهم عنه أشد النهی وفرطوا فی متابعته فلم یعبأوا بأقواله وأفعاله ولا رضوا بحکمه ولا سلموا له وإنما یحصل تعظیم الرسول صلى الله علیه وسلم بتعظیم أمره ونهیه والاهتداء بهدیه واتباع سنته والدعوة إلى دینه الذی دعا إلیه ونصرته وموالاة من عمل به ومعاداة من خالفه، ونحن أهل السنة لا ننکر أن حب أهل البیت إیمان وهو جزء لا یتجزأ من محبة النبی صلى الله علیه وسلم، فحق رسول الله صلى الله علیه وسلم أن یفدَّى بالأرواح والأولاد والأهلون والأموال والأوطان.

الكلمات الرئيسة